قال المؤرخ والمحاضر الدولى بسام الشماع، إن إيطاليا أعادت بناء أرضية مدرجات استاد الكولوسيوم بروما، واعادت الساحة إلى عصر المصارعين Gladiators.
وأصبح الفناء جاهز لاستضافة الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية على المنصة الجديدة القابلة للسحب أيضا للكشف عن شبكة الممرات و الغرف التاريخية تحت مستوى الأرض، والتي كانت تخفي كل الخدع والمصاعد والأوناش التي استخدمت قديما أثناء مواجهة المصارع مع الأسود و الفهود والدببة.
وأضاف الشماع أن الكولوسيوم يعد أحد أكبر مناطق الجذب السياحي في إيطاليا [مثل الهرم عندنا مع الفارق طبعا]، حيث يستقبل ملايين الزوار كل عام. كان عشرات الآلاف يذهبوا قديما إلى الكولوسيوم لمشاهدة العبيد والمجرمين المدانين والحيوانات البرية وهم يقاتلون حتى الموت.
واستمرت هذه النشاطات الدموية الغريبة لمدة 4 قرون وتوقفت عندما انهارت الإمبراطورية الرومانية.
وقال الشماع: تحت الأرض التي تتوسط المدرجات التي كان يجلس فيها آلاف المشاهدين كان هناك آلات وأجهزة وأوناش وغرف للحيوانات الضارية المحبوسة والمقاتلين الذين يحصلون على الجوائز لو فازوا، كان يحدث أن تفتح فتحات بشكل مفاجئ فيخرجون من تحت الأرض كما لو كان ذلك بالسحر، ابتكر الرومان متاهة من الأنفاق السرية تحت أرضية الساحة الخشبية المغطاة بالرمال. بعد هجران الكولوسيوم واستخدام الحجارة في بناء كنائس ومبان وأصبح يستعمل كمحجر واختفت الأرضية ولكن ظلت هذه الهياكل الموجودة تحت الأرض معرضة للعوامل الجوية لأكثر من قرن من الزمان، وكان يتمكن ملايين السياح حديثا الذين يزورون الكولوسيوم كل عام من رؤيتها عن قرب.
حتى قررت الحكومة الإيطالية أن تعيد بناء هذه الأرضية ورصدت بمبلغ 10 ملايين يورو (حوالي 12 مليون دولار أمريكي) لتركيب أرضية جديدة قابلة للسحب بحيث تعيد المدرج إلى عصر المصارعين. وقالت ألفونسينا روسو، مديرة الكولوسيوم، لتوم كينجتون في صحيفة التايمز: “نريد أن نعطي فكرة عن كيف كان الأمر، ونسعى للحصول على مقترحات من جميع أنحاء العالم”. وفقا لبي بي سي نيوز، تقرر أن يتم تصميم التصاميم المعمارية للتجديد الطموح بحلول.
خلال القرون الأربعة التي استخدم فيها الرومان الكولوسيوم، كان الهايوجيوم، أو شبكة من الأنفاق الموجودة تحت الأرض أسفل أرضية الملعب، تشبه “سفينة شراعية ضخمة”.
ويتكون الهيكل السفلي من مناطق انطلاق ومنحدرات وبكرات وحبال وآليات أخرى سمحت للعمال بإنشاء عرض مثير فوق الأرض.
حتى أن المهندسين ابتكروا مصعدا تحت الأرض من نوع ما لرفع الأسود والدببة والفهود وغيرها من الحيوانات البرية الموجودة في أقفاص إلى الساحة.
كتب توم مولر لمجلة سميثسونيان. قال هاينز يورغن بيست، الباحث في المعهد الأثري الألماني في روما، لمؤسسة سميثسونيان في عام 2011: “لقد سمح الهايوجيوم لمنظمي الألعاب بخلق المفاجآت وإثارة التشويق. فالصياد الموجود في الساحة لن يعرف أين سيكون المكان التالي”.
سيظهر أسد، أو قد يظهر أسدان أو ثلاثة بدلا من واحد فقط.
وفي وقتها صرحت السلطات الإيطالية أن النسخة المرممة من الأرضية ستحتوي على نسخ طبق الأصل من الأبواب المسحورة والمصاعد والعناصر الميكانيكية الأخرى المستخدمة في العصر الروماني.
وقال وزير الثقافة داريو فرانشيسكيني آنذاك: “سيكون [التجديد] بمثابة تدخل تكنولوجي كبير سيوفر للزوار الفرصة ليس فقط لرؤية الغرف تحت الأرض… ولكن أيضا تقدير جمال الكولوسيوم أثناء وقوفهم في وسط الساحة”.
في بيان نقلته بي بي سي نيوز. ويضيف أن المنطقة القابلة للسحب يجب أن تكون قادرة على الإغلاق بسرعة من أجل حماية الأنفاق القديمة من العناصر [بمعني عوامل التعرية والدمار].
من الممكن أن نأخذ هذا الحدث الحضاري كمثال لمشروع إعادة الأحجار المتساقطة الجرانيتية لهرم منكاورع.
لم يخرج اليونيسكو الكولوسيوم من قائمة التراث، على الرغم من أن هذا هو التبليط للارضية وليس مشروع الكساء الهرمي.
واختتم الشماع بسؤال هنا هل تحولنا جميعا إلى جلادين بمجرد أن يخرج أحدنا بفكرة جديدة مولودة من منبع وحس وطني؟.
المصدر : صدي البلد